19 يونيو 2025

تهديد بفقدان أكثر من 20 ألف وظيفة في شركة تيسنكروب الألمانية

كشفت مصادر نقابية في ألمانيا أن مجموعة الصناعات الثقيلة العملاقة “تيسنكروب” تواجه أزمة داخلية قد تؤدي إلى إلغاء أكثر من 20 ألف وظيفة في مختلف قطاعاتها، وذلك في إطار خطة إعادة هيكلة واسعة النطاق أعلنت عنها الشركة مؤخرًا. يأتي ذلك في ظل بيئة اقتصادية متغيرة وضغوط مستمرة على الشركات الصناعية الألمانية لمواكبة التحول الرقمي والتحول نحو الطاقة النظيفة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ”، فإن نقابة “آي جي ميتال”، وهي من أكبر نقابات العمال في ألمانيا، حذرت من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن خطة الشركة، والتي تشمل بيع حصص أقلية في ثلاث وحدات أعمال رئيسية داخل المجموعة. وتتمثل هذه الوحدات في فرع تصنيع مكونات السيارات، وفرع الصناعات البحرية، بالإضافة إلى قطاع الأنظمة الصناعية.

صرّح يورغن كيرنر، نائب رئيس “آي جي ميتال” وعضو مجلس الإشراف في “تيسنكروب”، بأن “هذه الخطة، في حال تنفيذها بالشكل المعلن، قد تؤدي إلى خسارة أكثر من 20 ألف موظف لوظائفهم، وهو رقم كبير قد يُحدث هزة اجتماعية في أوساط العمال ويؤثر بشكل مباشر على العديد من العائلات”.

وأضاف كيرنر أن النقابة ترى أن القرار جاء دون تشاور كافٍ مع ممثلي العمال، وأن مثل هذه الخطوات لا يجب أن تُتخذ بطريقة أحادية الجانب، خصوصًا عندما يكون لها تأثير مباشر على الأمن الوظيفي لعشرات الآلاف من الأسر.

من جهتها، قالت الشركة إن عملية إعادة الهيكلة ضرورية لضمان بقاء المجموعة قادرة على المنافسة في سوق عالمي يشهد تغييرات متسارعة، مشيرة إلى أن التركيز سيكون على “تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز الابتكار والاستدامة البيئية”، بحسب وصفها.

ومع ذلك، ترى النقابة أن مثل هذه التحركات تهدد أحد أكبر أعمدة الصناعة الثقيلة في ألمانيا، وتدعو إلى إيجاد حلول تضمن الحفاظ على العمالة، مثل تقديم برامج تدريبية لتحويل المهارات أو إعادة توزيع الموظفين على قطاعات أخرى داخل المجموعة.

وتجدر الإشارة إلى أن “تيسنكروب” توظف حاليًا أكثر من 100 ألف شخص حول العالم، ويتركز جزء كبير منهم في ألمانيا. وقد سبق للشركة أن خضعت لعدة عمليات إعادة هيكلة خلال العقد الأخير، غير أن هذه المرة تبدو الخطة أعمق وأكثر جذرية، ما يثير قلق الأوساط الاقتصادية والنقابية.

وتعيش العديد من الشركات الألمانية حاليًا تحديات مماثلة، إذ تسعى للتأقلم مع الانتقال إلى الصناعات الخضراء والرقمنة، وهو ما يتطلب أحيانًا تقليص الوظائف التقليدية والتركيز على المجالات التكنولوجية المتقدمة.

من المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة تصعيدًا في النقاش بين النقابات والإدارة، وربما تنظيم احتجاجات عمالية إذا لم يتم التوصل إلى حلول وسطية تضمن حقوق الموظفين وتراعي التحديات الاقتصادية التي تمر بها الشركة. وتبقى الأنظار متجهة نحو كيفية تعامل “تيسنكروب” مع هذه الأزمة المعقدة، التي قد تتحول إلى نموذج لما قد تواجهه الشركات الصناعية الكبرى في أوروبا خلال السنوات القادمة.