في ظل التقلبات الاقتصادية المستمرة محليًا وعالميًا، يترقب السوق المصري باهتمام كبير قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري بشأن تحديد مصير أسعار الفائدة، وسط توقعات قوية بزيادة جديدة قد تكون الثالثة خلال العام الجاري.
اجتماعات سابقة وخيارات مفتوحة
سبق للبنك المركزي أن ثبت أسعار الفائدة مرتين متتاليتين خلال هذا العام، وذلك بعد زيادتين سابقتين. ورغم تحديد موعد الاجتماع المقبل للجنة، فإن البنك المركزي يملك صلاحية عقد اجتماعات استثنائية واتخاذ قرارات طارئة كما فعل سابقًا، حين قرر رفع سعر الفائدة بنسبة 2% بالتزامن مع تخفيض قيمة الجنيه المصري في أحد الاجتماعات المفاجئة.
الأسعار الحالية ونظرة الخبراء
حاليًا، يبلغ سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة 11.25%، بينما يصل سعر الفائدة على الإقراض إلى 12.25%. أما سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم، فقد استقر عند 11.75%.
وقد اختلفت آراء الخبراء المصرفيين حول القرار المرتقب للجنة، خصوصًا في ظل ارتفاع معدلات التضخم عالميًا ومحليًا، وهو ما يدفع العديد من البنوك المركزية إلى رفع الفائدة لكبح جماح الأسعار ودعم استقرار عملاتها.
تأثير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي
يتزامن الاجتماع المقبل مع تقدم المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي بشأن قرض جديد، وسط تفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق إيجابي. ويرى بعض الخبراء أن البنك المركزي قد يستبق النتائج النهائية باتخاذ خطوات حاسمة، من بينها رفع أسعار الفائدة.
زيادة محتملة بنسبة 1% إلى 1.5%
يرجح الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح أن يلجأ المركزي إلى رفع الفائدة خلال الاجتماع المرتقب بنسبة تتراوح بين 1% إلى 1.5%، مشيرًا إلى أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 14.6% في أغسطس، وهو أعلى مستوى منذ أربع سنوات، نتيجة انخفاض الجنيه وزيادة أسعار السلع الغذائية.
أسباب غير تقليدية وراء رفع الفائدة
وبحسب أبو الفتوح، لا يقتصر سبب رفع الفائدة على التضخم فقط، بل يسعى المركزي أيضًا للحد من ظاهرة “الدولرة” بعد تراجع الجنيه أمام الدولار، وذلك عبر طرح شهادات ادخار ذات عوائد مرتفعة لجذب المواطنين والمصريين بالخارج للاستثمار بالجنيه المصري بدلًا من العملات الأجنبية.
كما أوضح أن توجه البنك المركزي نحو تحرير تدريجي لسعر الصرف ينسجم مع هذه السياسة، خاصة إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي حول مرونة سعر العملة.
تأثير قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
لفت أبو الفتوح إلى تأثير رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، ما يدفع العديد من البنوك حول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة لحماية عملاتها ومواجهة هروب الاستثمارات نحو السندات الأمريكية ذات العوائد الجذابة.
رأي آخر: التريث خيار ممكن
من جهتها، أكدت الخبيرة الاقتصادية سهر الدماطي وجود سيناريوهين محتملين لقرار البنك المركزي: الأول يتمثل في رفع الفائدة بنسبة 1%، والثاني هو التريث لحين الوصول إلى توازن في السوق بين العرض والطلب، مع مواصلة سياسة مرونة سعر الصرف.
استطلاع رأي: الغالبية تؤيد الرفع
في استطلاع رأي أجرته نشرة اقتصادية متخصصة، رأى 6 من أصل 7 محللين وخبراء اقتصاديين أن البنك المركزي سيعيد تفعيل دورة التشديد النقدي، مرجحين رفع الفائدة للمرة الثالثة خلال العام. وأشاروا إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو تقليص معدلات التضخم المتزايدة ودعم الجنيه.
منذ مارس الماضي، رفع المركزي سعر الفائدة بـ300 نقطة أساس في محاولة لجذب الاستثمارات الأجنبية والسيطرة على التضخم، لكنه قرر تثبيتها خلال اجتماعي يونيو وأغسطس الماضيين.
الضغوط تدفع نحو قرار حتمي
يرى المحللون أن تراجع الجنيه المصري وزيادة الضغوط الخارجية، بالإضافة إلى الفارق في معدلات الفائدة بين مصر والولايات المتحدة، يفرض على المركزي ضرورة اتخاذ خطوة رفع جديدة. وتوقعت الأغلبية أن تكون الزيادة بحدود 100 نقطة أساس، مع عدم استبعاد زيادات أكبر إذا اقتضت الحاجة.
ويبقى القرار النهائي للجنة السياسات النقدية مرهونًا بمزيج من العوامل المحلية والدولية، إلا أن الاتجاه العام يميل إلى استمرار سياسة التشديد النقدي لحماية الاقتصاد الوطني.
More Stories
تهديد بفقدان أكثر من 20 ألف وظيفة في شركة تيسنكروب الألمانية
كارت ميزة.. مزايا متعددة وخصومات خاصة من بنكي الأهلي ومصر
اليورو يسجل أعلى مستوى خلال شهر بعد تراجع ترامب عن فرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي